ما هی فرائض الوضوء

فرائض الوضوء

یُطلق الفرض فی اللّغة على القطع، وفی الاصطلاح الشرعیّ هو ما یُثاب المسلم على فعله، ویُعاقب على ترکه، ثمّ بعد ذلک

جعل الفقهاء مصطلح الفرض بذات المعنى للرکن، وفرّقوهما عن الشرط؛ ذلک أنّ الفرض أو الرکن ما یکون بذات الشیء، أمّا

الشرط ما یکون وجود الشیء متوقّف علیه.

وقد تعدّدت أقوال الفقهاء فی القول بفرائض الوضوء، لکنّ ما ثبت منها بنصّ القرآن الکریم أربعة فروض؛ وهی: غسل الوجه، وغسل

الیدین إلى المرفقین، ومسح الرأس، وغسل الرجلین إلى الکعبین، وهی الواردة فی قول الله -تعالى-: (یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا إِذَا

قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَیْنِ)، ولم یقع الاختلاف إلّا فی

مسح الرأس إن کان المسح لکلّه أم لبعضه.

فرائض الوضوء المتفق علیها نصّ القرآن الکریم على أربعة فرائض أو أرکان للوضوء اتّفق علیها جمیع أصحاب المذاهب، وهی غسل

الوجه، والیدین، ومسح الرأس، وغسل الرجلین.

غسل الوجه وقد اعتُبر من الفروض لقول الله -تعالى-: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ)،ویُغسل ظاهر الوجه مرّة کاملاً، وتکرار الغسل فی

المرة الثانیة والثالثة سنّة ولیس بفرض، والمُراد بالغسل إسالة الماء بحیث یتقاطر، وأقل ما ینزل من القطرات قطرتین، ولا یصحّ

الغسل إن کان من غیر تقاطر، وتمتدّ حدود الوجه طولاً من منبت شعر الرأس إلى أسفل الذقن، وعرضاً من شحمة الأذن إلى

شحمة الأذن الأخرى.

غسل الیدین إلى المرفقین ورد دلیله فی القرآن الکریم بقول الله -تعالى-: (فَاغْسِلُوا وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ)، وورد کذلک

فی السنّة النبویّة الشریفة والإجماع، وقد ورد بالإجماع دخول المرفقین فی الغسل، لحدیث أبی هریرة -رضی الله عنه:

(رَأَیْتُ أبا هُرَیْرَةَ یَتَوَضَّأُ فَغَسَلَ وجْهَهُ فأسْبَغَ الوُضُوءَ، ثُمَّ غَسَلَ یَدَهُ الیُمْنَى حتَّى أشْرَعَ فی العَضُدِ، ثُمَّ یَدَهُ الیُسْرَى حتَّى أشْرَعَ فی

العَضُدِ).ثمّ قال عن رسول الله أنّه قال: (أنْتُمُ الغُرُّ المُحَجَّلُونَ یَومَ القِیامَةِ مِن إسْباغِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطاعَ مِنْکمْ فَلْیُطِلْ غُرَّتَهُ

وتَحْجِیلَهُ)،

وإذا غسل یدیه بعد الوجه فإنّه یغسل أطرافهما من الأصابع إلى المرفقین، ولا یکتفی بغسلهما فی بدایة الوضوء. مسح الرأس

أجمع العلماء على مسح الرأس بالوضوء، لقول الله -تعالى-: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِکُمْ)، وتعدّدت الأقوال فیما یتعلّق بمقدار المسح

المجزئ على النحو الآتی:

مذهب الإمام مالک، والظاهر من مذهب الإمام أحمد وأصحابه، ووافقهم به ابن تیمیة قالوا بوجوب مسح کامل الرأس للمرأة

والرجل على حد سواء، وتفسیرهم أنّ الباء فی کلمة برؤوسکم مفادها الإلصاق. مذهب أبی حنیفة والشافعی قالوا بمسح جزء

من الرأس، والجزء یجزئ عنه ثلاث شعرات، وقیل ربع الرأس، وقیل نصفه، حیث إنّ الباء مُرادها التبعیض ولیس الإلصاق. روایة عن

أحمد قال فیها إنّ مسح الرأس کاملاً یکون فی حقّ الرجل دون المرأة، وذلک من باب التسهیل علیها. غسل الرجلین إلى الکعبین

بدأ رسول الله -صلّى الله علیه وسلّم- بغسل رجله الیُمنى، ثمّ غسل الیسرى، کما فعل عندما غسل یدیه، فقد روت عائشة

-رضی الله عنها- عن رسول الله -صلّى الله علیه وسلّم- فقالت:

(کانَ النبیُّ صَلَّى اللهُ علیه وسلَّمَ یُعْجِبُهُ التَّیَمُّنُ)، أمّا دلیل غسل الرجلین إلى الکعبین فقد رود فی قول الله -تعالى-: (وَأَیْدِیَکُمْ

إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَیْنِ).

وبحسب الآیة یمکن للمتوضئ أن یبدأ بالیسرى أو الیمنى، لکن إن أراد أن یسیر وفق السنة ابتدأ بالیمنى، والکعب عند الأحناف

هو العظمة الناتئة فی ظهر القدم عند شراک النعل، وفی کل قدم عظمة واحدة، ویغسل المتوضئ رجله إلى کعب القدم، أمّا

الجمهور فقاوا لکل قدمٍ کعبان عندهم، وهما العظمتان الناتئتان على جنب کل قدم عند التقاء الساق بالقدم، وتُغسل کلّ قدم

إلیهما.

فرائض الوضوء المختلف فیها النیة یُقصد بالنیّة إرادة الفعل وقصده، والمُراد بها فی الصّلاة هی استباحة ما منع الحدث الأصغر من

القیام به، أو أداء فرض الوضوء، أورفع الحدث، وتتحقّق النیّة بمجرّد قصد الوضوء، وعلیه فإنّ محلّها القلب ولا یشترط التلفّظ بها

باللّسان، کما لا یشترط أن یبقى المتوضئ مستحضراً لها طوال الوضوء إلى آخره، لکن یُشترط أن تکون فی أوّل الوضوء، فلو غسل

بعض أعضاء الوضوء ثمّ استحضرها فالوضوء غیر صحیح.

الموالاة تُطلق الموالاة فی اللّغة على المتابعة، وکذلک تُطلق على المناصرة، ومعناها فی الاصطلاح الشرعیّ کما عرّفها الآبی:

عدم التفریق الکثیر بین فرائض الوضوء، وقال البرکتیّ: هی غسل أعضاء الوضوء متتابعة دون فاصل کبیر بین العضو والعضو، بحیث

لا یجفّ العضو الأوّل، وقال الکاسانیّ: هی عدم الانشغال بغیر الوضوء أثناء القیام به، وقد تعدّدت الأقوال فیها على النحو

الآتی:حکمها سنّة وهو قول الحنفیّة، والروایة الصحیحة عند الشافعیّة، وفی روایة عند الحنابلة، وهو قول ابن عمر، والحسن،

وسعید بن المسیّب، والثوری.

حکمها الوجوب وهو قول المالکیّة، والشافعیّة فی القول القدیم، والحنابلة فی المذهب، وقال به عمر بن الخطّاب، والأوزاعی.

التدلیک وهو تمریر باطن الید على العضو المغسول فی الوضوء بعد صبّ الماء علیه قبل أن یجفّ، ویشترط أنّ یکون بباطن الکفّ فلا

یکفی دلک الرجل مثلاً بالرجل الأخرى، وقد تعدّدت الأقوال ما بین وجوبه وسنیّته على النحو الآتی: الجمهور باستثناء المالکیّة قالوا

إنّ التدلیک سنّة ولیس بواجب، فلم یرد فی الآیة، ولم یرد بفعل رسول الله، حیث إنّ رسول الله حرص على إفاضة الماء مع وصولها

إلى باطن الشعر. المالکیّة قالوا بوجوب التدلیک بباطن الکف بالوضوء، ویتحقّق بالتدلیک المتوسط دون شدّة فیه، ویکون فی المرة

الأولى من غسل العضو، والشدّة فیه مکروهة، لِما قد تؤدّی به إلى الوسوسة، وهو واجب بذاته بحیث إنّ وجوبه ثابت حتى لو

وصلت الماء إلى البشرة دونه.